تمويل الإجارة ؛ لمحة النقد

 تطورات المصرفي الإسلامي والمؤسسة المالية الإسلامية أصبحت ريحا مرسلا هنيئا بنسبة الإقتصاد الإسلامية في العصر الحديث. ومن جملة الدولة التي تدعم المصرفي الإسلامي بشكل كبير بلادنا الإندونيسية. وكيف لا، بعد صدور القانون المصرفي الإسلامي في السنة 2008 برقم 28 ، ظهر عدد كبير من البنوك الإسلامية كالبدل الناجح والسالم من الربا الذي قد نص العلماء الإسلامي أنه من الكبائر التي سقط من آكه من درجة العدل إلى الفاسق، وسقط به أهلية الشهادة منه. ولكن قد نتسائل عن تطبيق هذا المنهج أو المعاملة التي قد رتّب العلماء منهجها في الفقه الإسلامي، هل التعاقد التي جرت في البنوك أو المؤسسة المالية الإسلامية جارية على النظام الإسلامي بتمامه أم أنه تطبيق مظهري فقط ولم تجري في حقيقتها نظام الإقتصاد الإسلامي الذي قد رتب العلماء عليه في الفقه الإسلامي. ومن جملة هذا النظام تمويل الإجارة. تمويل الإجارة هو إجارة في حقيقة الأمر، إلا أنه قد حول من أصله من عقد الأمانة إلى عقد التمويل. ما هو تمويل الإجارة وكيف تطبيقه في المؤسسة المالية الإسلامية؟ سنعرف بتوفيق الله.

الإجارة لغة: اسم للأجرة. ثم اشتهرت في العقد. وشرعا: عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم. إتفق الفقهاء على مشروعية عقد الإجارة ما عدا أبا بكر الأصم وإسماعيل بن عُلَية والحسن البصري والقاشاني والنهرواني وابن كيسان فإنهم لم يجيزوه. واستدل الجمهور على جواز عقد الإيجار بالقرآن والسنة والإجماع. أما القرآن: فقوله تعالى: «فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن» [الطلاق:6/ 65]. وأما السنة: فقوله عليه الصلاة والسلام: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». وأركان الإجارة الذي لابدَّ منه أربعة: عاقدان (مؤجر ومستأجر)، وصيغة (إيجاب وقبول)، وأجرة ومنفعة. وقسم الفقها الإجارة قسمين. إجارة العين وإجارة العمل. فالأول واضح، وأما الثاني فالعين المستأجر هو العمل، مثل العقد على حمل المتاع أوغير ذلك من العمل الذي ظهر منه المنفعة الواضحة.

تمويل الإجارة في حقيقته عبارة عن نقل ملك المنفعة للمال – وليس نقل ملك المال – أو الخدمات بالأجرة المتفقة عليها في العقد. وأما تمويل الإجارة الذي جرى في المصرف الإسلامي أو المؤسسة المالية الإسلامية – حسب معرفة الفقير من خلال التشاور والمقابلة عن حقيقته مع موظف أحد المؤسسة المالية الإسلامية في مجنانج – هو عبارة عن تمويل من جهة المؤسسة لتدفع المؤسسة أجرة المستشفي مثلا؛ لمصلحة الزبون المحتاج على الأموال، ثم يدفع الزبون ذلك المال بكامله منجماً مع الأجرة المتفقة عليها. ومن هنا عرفنا أن عقد الإجارة في عقد تمويل الإجارة هو إجارة على دفع المؤسسة المالية الإسلامية مبلغا من المال إلى المستشفي لمصلحة الزبون المقدم على التمويل. والزبون يدين نقوداً أو مبلغاً من المال على المؤسسة بمبلغ المساوي الذي قد دفعت المؤسسة إلى المستشفى لمصلحته بزيادة الأجرة المتفقة عليها ثم يدفعه منجماً مع أجرته إلى تلك المؤسسة المالية الإسلامية. والأمر الآخر الذي يجب علينا أن نعرفه هو إضافة عقد الوكالة على تلك العقد وصار العقد عقدًا مركبًا أي عقد الإجارة وعقد الوكالة. وبإضافة عقد الوكالة على هذا العقد وكّلت المؤسسة الزبونَ ليدفع بنفسه تلك الأجرة أي أجرة المستشقى.

لمحة النقد

من خلال ما عرفنا من تطبيق عقد الإجارة بواسطة تمويل الإجارة بالإضافة عليه عقد الوكالة في المؤسسة المالية الإسلامية، أرى عددًا من المسائل التي يجب علينا الإنتباه عليها، ومن أجلها تحاولت الإجارة – الذي من شأئه بدلا من عقد الربوي – عقدا ربويا حقيقة. منها:

أولا، أحد الأركان العقد معدوم. وقد عرفنا أن أركان الإجارة أربعة، وأحد أركانه التي يجب توفيرها أن يكون المعقود عليه منفعة أو عملا. والمعقود عليه في تمويل الإجارة هو العمل الذي قام به المؤسسة المالية الإسلامية بدفعها مبلغاً من المال إلى المستشفى لمصلحة الزبون. وفي الواقع أنه دفعت المؤسسة المالية مبلغاً من المال إلى الزبون كالوكيل ليدفع بنفسه ذلك المبلغ إلى المستشفى. ومن هنا لا أرى وجود العمل من جهة المؤسسة المالية الذي من شأئه أن يكون معقوداً عليه في عقد الإجارة. وهذا العمل ركن من أركان الإجارة التي يجب توفيرها. فصار عقدا إجاريا فاسدا؛ فلم يصح.

ثانيا، تغيّر العقد. كما ذكرت في الرقم الأول أن الإجارة عقد على المنفعة أو العمل. فالمفروض دفع المؤسسة المالية مبلغا من المال بنفسها إلى المستشفى وليس الزبون الذي دفع المال. لأن العمل الذي قام به المؤسسة ركن من الأركان الإجارة التي يجب توفيرها. والواقع أن الدافع هو الزبون وليس من جهة المؤسسة. ووجود عقد الوكالة الذي أضافه إليه كالمكمّل هو السبب في تغير العقد. فالمؤسسة وكّلت الزبون ليدفع مبلغاً من المال بنفسه كالواكل لمؤسسة لمصلحتها. ومن هنا، فكأن الزبون يدين مبلغًا من المال ثم يدفعه إلى المؤسسة منجّمًا بزيادة الأجرة التي لا بدلَ فيها من العقود؛ فصار كالدين بزيادة المنفعة من المال أو الأجرة. فصار العقد كالقرض بالأجرة وليس عقد الإجارة، و يمكننا أن نقول أن هذا العقد من القرض الذي يجرّ منفعةً، وهو من الربا والكبائر، الله المستعان، اللهم جنّبنا منه موبداً.

ثالثا، شروط الضمان. ومن الواضح أن الإجارة عقد على تمليك المنفعة أو العمل، وليس عقد القرض، والضمان أو الرهن وجد بسبب القرض. فالإجارة ليس من عقد القرض. وإذا قلنا أن هذا الشرط يجوز مالم يخالف الشرع، فبوجود الشرط واضع فكأن هذا العقد تحاول من عقد الإجارة إلى عقد القرض. فكُلُّ قَرْضٍ يَجُرُّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا.

فالحاصل، إذا نظرنا إلى تطبيق عقد تمويل الإجارة في المصرفي الإسلامي أو المؤسسة المالية الإسلامية؛ نرى عددا من النقائص والانتقاد هنا وهناك. فبهذه النقائص ينبغي علينا أن لا نبتعد من البنوك الإسلامية وننصرف منها إلى النبوك الربوية التي ينبغي أن ننبعد عنها. ومن جهة آخرى علينا أن نقدم الدعم والتأييد بوجود البنوك الأسلامي، ونصلح ما نقص منها؛ لتجري فيها أحكام الشريعة الأسلامية بكاملها.

Leave a Comment